قصص من الواقع

موضوع: قصص من الواقع الجمعة يونيو 19, 2009 12:12 pm

كتبت لها المعاناة من قبل ان تولد لقد تم زواج والديها قصرا وكان الشجار والصياح والبكاء والعويل يصاحبها بل ينتظرها وكانت وهي الجنين فى رحم امها هدفا لبعض اللكمات ومسمعا لكل الكلمات التى يتراشقون بها خارجا..أكرهت على الخروج الى هذه الدنيا كرها قبل اوان ولادتها وكانت لا تزال غضة لا تقوى على تنشق الهواءحتى.. لكنها صمدت واستنشقته وكتبت لها الحياة...ولم تكتب لوالديها العيش معا. تفرقا..كل لحال سبيله وبقيت صحبة امها وجدتها ولكن هذه الام كانت بها بعض نقمة تحولت الى قسوة فتخلت عن ابنتها ذات العامين وتزوجت واختارت ان تبنى حياتها من الصفر وتستغنى عن الخطوة التى خطتها سابقا...وكانت الجدة مريضة قد انهكها الداء وتخلى عنها الابناء الا من طفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات ترعاها وتقوم لشؤونها وقد منحها الله برغم البنية الضعيفة والملامح الباهتة قوة وطاقة وكأنى بها تستعد لما ينتظرها من الم ..الجدة كانت تعانى داءا ينخر مفاصلها واطرافها الزمها الفراش واقعدها والزم هذه الطفلة بخدمتها...كانت هى من يمد.. هي من يقوم.. هي من يطبخ.. هى من يمرض هذه المريضة ....وفى احدى الامسيات كانت الجدة تقبع فى ركن تفترش بقايا حشايا مهترئة وكان جسمها الهزيل يرتفع وينخفض يتابع حركات التنفس فى القفص الصدري ..وكانت تتابع حفيدتها وهي تقبع بجانب الباب منتظرة ان يدق ..ان يزورهم اي كان. غير الاهل الاهل تعرف انهم لن ياتو على الاقل هذه الليلة فالام سافرت وابتعدت والاعمام لا تعلم عنهم شيئا والاخوال ياتون فى زيارات مقتضبة...تنتظر ان يزورهم احدا فيسلم على الجدة ويسلم الحفيدة قطعة من الشوكولاتة او قطعة من الحلوى تاخذها وتحتفظ بها لا تاكلها خشية ان تفقدها...لازمت البنت مكانها حتى داهمها النعاس فجسمها الصغير لا يقاوم ماتحمله اياه نامت البنت فى مكانها وهي جالسة وكان تنفس العجوز ينخفض ويضطرب حتى اختفى ولم يعد لجسمها اي حركة...اول القادمين فى الصباح من الجيران اكتشف الخبر فنشره وامتلا المكان بالابناء والمعزين وشهد البيت حركة لم يعهدها وتمنت هذه الفتاة ان لا تنتهى هذه المناسبة السعيدة التى رات فيها امها ولو انها لم تعد تشعر بفقدانها ولكنها على الاقل احست ان لها اما وان الناس يهادونها ويلبون طلباتها ...ومرت الايام وفى تمام الاسبوع عاد الامر كما كان عليه واجتمعت العائلة لتطالب الام بحمل ابنتها معها فهى لن تترك هنا وحيدة...حملتها الام مكرهة تماما كحملها بها ...ومنذ وصولهما رفض زوج الام رعايتها بل انه رفض استقبالها فى بيته وامر زوجته بالتخلص منها حالا فهو ليس مستعدا لرعاية بنت تخلى عنها ابوها ويعيش متمتعا بحياته فى الخارج ...قال انه لن يتحمل اعباءها ولن يتحمل وجودها ...اضطرت الام الى الاتصال باحد الجيران وايداع البينت عندهم ريثما تجد لها حلا ...طلبت منهم ان يؤووها ولا باس ان كلفوها ببعض الاعمال وبدات مرحلة جديدة من حياتها مرحلة الخدمة من اجل الغذاء ولم تكن تعرف العصيان او الرفض او الارتياح فاعجب الامر محتضنها ومكثت معهم هناك سنتين وحين بلغت الثمانى سنوات انتبهت الام الى ان البنت كان يجب ان تدخل المدرسة وفعلا حاولت ان تتدارك الامر ..كانت المدرسة البعيدة ..وكان امر الذهاب مكلف والمداومة اكلف..ولكن بعض امومة جعل الام تصر على عائلة البنت ان يدعوها تدرس وحصل سوء تفاهم دفع ربة البيت الى دفع البنت الى امها والتى لم يتراجع زوجها عن قراره بعد بل انه كان يرفض حتى مقابلة الام لها ....فاتصلت هذه المراة الى احد اخوال الفتاة وطلبت منه ان يتكفل امرها ...فوافق فى اول الامر ..وجاء واصطحبها لتعيش معه وقام بتسجيلها فى احد المدارس ..